نقابة الصحفيين الفلسطينية تعقد ندوة علمية حول الضغوط التي يتعرض لها الصحفي
عقدت كلية التنمية الاجتماعية والأسرية في جامعة القدس المفتوحة، ونقابة الصحفيين الفلسطينيين، ندوة علمية افتراضية بعنوان "الضغوط المهنية والنفسية والاجتماعية التي يتعرض لها الصحفي الفلسطيني وآليات مواجهتها".
ودعا المشاركون في الندوة المؤسسات الإعلامية والأكاديمية إلى تكثيف الدورات وورش العمل لمناقشة الضغوط النفسية والاجتماعية التي يواجهها الصحفيون الفلسطينيون، مؤكدين ضرورة إيجاد برامج للتخفيف من حدة المشكلات والضغوطات المهنية والاجتماعية والنفسية التي يعاني منها الصحفيون.
كما دعا المشاركون إلى تقوية المناعة النفسية لدى الصحفيين، خاصة حينما يغطي الأحداث الميدانية المختلفة.
وأوصت الندوة المؤسسات الإعلامية إلى استحداث دوائر متخصصة في الخدمة الاجتماعية والنفسية للعناية بالصحفيين، سواء المراسلين العاملين ميدانياً أو في غرف التحرير، وتحمل مسؤوليتها لتحقيق الرعاية الاجتماعية للصحفيين، مؤكدين ضرورة إقرار القوانين والأنظمة التي تضمن للصحفيين الحماية المهنية والنفسية والاجتماعية وفي المستويات المختلفة.
ووجه رئيس جامعة القدس المفتوحة أ. د. يونس عمرو، التحية للصحفي الفلسطيني "فارس الميدان"، مشيراً إلى أن الندوة "تكرس أمراً استراتيجياً تؤمن به الجامعة للتعاون مع مؤسسات الوطن كافة، وفي مقدمتها نقابة الصحفيين الفلسطينيين، وذلك بمناقشة قضايا مهمة تهم المجتمع وفئاته".
وأكد عمرو أن الصحفيين يحتلون أحد المواقع المتقدمة في النضال الفلسطيني، مشيراً إلى أهمية الإعلام في نقل الحقائق، مبيناً أن "كثيراً من المواقف غمضت فيها الأعين عن جرائم ترتكب بحق الفلسطينيين بسبب عجز الإعلام أو التلاعب به أو تزويره".
ولفت إلى أن "الصحفي الفلسطيني يكتسب أهميته كونه يحمل روحه على كفه ويقاتل من أجل نقل الحدث الفلسطيني إلى أوساط شعبنا والعالم"، مسجلاً تقديره لنقابة الصحفيين التي رعت الصحفيين رعاية كاملة.
وأكد أن المؤسسات كافة، سواء كانت حكومية أو غيرها، يجب أن تدعم الصحفيين وترعاهم للحفاظ على ما يبذلونه من جهود لتطوير القطاع الإعلامي الفلسطيني وتمكينهم من أداء رسالتهم.
وأضاف: "نحن في جامعة القدس المفتوحة نقدر ما يقوم به هذا القطاع، ونتعاون مع نقابة الصحفيين على المستويات الأكاديمية والإعلامية، لخدمة الصحفيين"، مشدداً على استعداد تنظيم العديد من الفعاليات المشتركة التي تتطرق إلى احتياجات الصحفيين، لافتاً إلى ضرورة خروج الندوة بتوصيات فاعلة قابلة للتطبيق.
وشكر نقيبُ الصحفيين الفلسطينيين أ. أبو بكر، رئيسَ جامعة القدس المفتوحة أ. د. يونس عمرو، على هذه المبادرة للتعاون مع النقابة في العديد من الصعد.
واستعرض أ. أبو بكر حجم الضغوط التي يتعرض لها الصحفيون في فلسطين، مشيراً إلى أن (50) صحفياً استشهدوا برصاص الاحتلال منذ عام 2000، بالإضافة إلى مئات الإصابات نتيجة تغطيتهم لأحداث مختلفة، متحدثاً عن إصابة نحو(600) صحفي جراء اعتداءات الاحتلال منذ عام 2013.
ونوه إلى أن "الصحفي يتعرض لجملة من الضغوطات، في مقدمتها منع الاحتلال الصحفيين من التنقل بين المناطق الفلسطينية بفعل تعليمات عسكرية"، مشيراً إلى أن "الظروف التي يعمل فيها الصحفيون الفلسطينيون جعلت فلسطين من أكثر الدول خطراً للعمل الصحفي، وفق تصنيف الاتحاد الدولي للصحفيين".
كما استعرض المعيقات والهموم التي تثقل كاهل الصحفيين وتجبرهم على العيش في ضغوط نفسية واجتماعية ومهنية، إلى جانب تدني رواتبهم، وغياب الأنظمة الناظمة التي تسمح لهم بالتحرك وفق المعايير الدولية.
ونوه إلى مسألتين شكلتا ضغطاً إضافياً على الصحفيين الفلسطينيين، الأولى هي جائحة (كورونا)، إذ أصيب عشرات الصحفيين بالفيروس، والثانية اتفاقيات التطبيع العربي التي جعلتهم يشعرون وكأنهم بلا ظهر خاصة في ظل ما يتعرض له الفلسطينيون من حملات إعلامية منظمة تسيء إلى نضالهم، ترافقت مع حملات صهيونية هدفت للنيل من الصحفيين الفلسطينيين.
وأكد ضرورة توفير قوانين لحماية الصحفيين وتوفير الأمن الوظيفي لهم، داعياً إلى المشاركة في مسؤولية حماية الصحفيين على المستويات النفسية والاجتماعية والمهنية.
وتحدث د. م. إسلام عمرو، مدير فضائية القدس التعليمية، عن دور الإدارة العليا في مواجهة الضغوط المهنية، مستلهماً تجربة فضائية القدس التعليمية كنموذج يعتد به.
ونوه عمرو إلى أن مهنة الصحافة تستند إلى مجموعة من المرتكزات اللازمة للنجاح، منها السعي لتحقيق أهداف مجتمعية، واتباع أساليب علمية ومهنية في العمل، بالإضافة إلى وجود أساس أخلاقي قيمي في العمل.
وأظهر عمرو التداخلات في العمل الصحفي، خاصة فيما يتعلق بضرورة توفير الإسناد المهني للصحفيين، وقوانين ناظمة للمهنة، مشيراً إلى أهمية الصحافة في لعب عدة أدوار منها: تثقيف الشعب، وقياس الرأي العام والتأثير، والقيام بمسؤولية اجتماعية في موضوع السلم الأهلي، وتحقيق التنمية الاجتماعية، لافتاً إلى أن "الصحافة في فلسطين تكتسب خصوصيتها كون الصحفي مدافعاً عن الحرية والحقوق الوطنية".
وبين وجود العديد من العوائق التي يواجهها الصحفي الفلسطيني منها المهنية، والمجتمعة، وأخرى سياسية تتعلق بالحريات، وعوائق تقنية ونفسية وشخصية، مبيناً أن "الصحافة في فلسطين تعاني أحياناً من الارتباك بسب اختلاط الأدوار بين العمل المهني من ناحية، والعمل الوطني والنقابي والحزبي من ناحية أخرى"، مؤكداً ضرورة حصر العمل الصحفي في نقل المعلومة وتحليلها وعدم الخلط بين هذا الدور والأدوار الحزبية والنقابية.
كما أكد أن المشغلين الإعلاميين، أسوة بالصحفيين، يعانون من عدة ضغوطات، بينها القدرة على التكيف مع احتياجات الرأي العام، وارتفاع تكلفة التشغيل الإعلامي، وضعف القوانين الناظمة للعمل الإعلامي، بالإضافة إلى قلة الخبرات في تخصصات معينة.
واستعرض النموذج الخاص بفضائية القدس التعليمية الذي بقي يعمل بحرية وفق الاحتياجات المهنية دون تدخل من الإدارة العليا التي سعت لتوفير ما يحتاجه الكادر المهني من احتياجات مادية ومعنوية ومعرفية.
وأشار إلى أن فضائية القدس التعليمية سعت إلى تشجيع الكفاءات الصحفية من خلال تشكيل لجنة مهنية لتقييم الأداء وربط قيمة المكافآت بالأداء، وكذلك بتوفير الحماية الصحية والمهنية من خلال اعتبار المؤسسة هي المسؤولة مهنياً عن أي منتج يصدر عنها، وكذلك توفير التأمين الصحي للعاملين الإعلاميين كافة بما في ذلك عمال المياومة.
وتطرق أ. د. محمد شاهين أستاذ الإرشاد النفسي ومساعد رئيس الجامعة لشؤون الطلبة، إلى الضغوط النفسية التي يواجهها الصحفيون الفلسطينيون وطرق الوقائية منها في ظل جائحة (كورونا).
وأشار إلى أن الضغوط التي يتعرض لها الصحفيون في ظل جائحة (كورونا) تختلف عن الأحداث الأخرى "كون الصحفي دخل في الحجز الإلزامي كبقية المواطنين، خلافاً لما تتطلبه مهنته من احتكاك بالميدان، فلجأت المؤسسات الإعلامية إلى التكنولوجيا للتغلب على هذه المشكلة".
ونوه إلى أن الصحفي في ظل الجائحة أمام ثلاث مهام، الأولى الحفاظ على صحته وصحة أسرته، والثانية تغطية أخبار الجائحة، أما الثالثة فنقل معاناة الضحايا إلى المجتمع.
وأشار إلى بعض الآثار السلبية التي خلفتها (كورونا)على بيئة العمل الإعلامي، مثل تقويض بعض الدول للحريات الإعلامية واتخاذ تدابير بحق الصحفيين، منوهاً إلى أن دراسة أظهرت أن (50%) من الصحفيين على مستوى العالم أصبحوا يعانون من التوتر والقلق خلال الجائحة، وهو أمر لم يكونوا يعانون منه قبل الجائحة.
واستعرض أ. د. شاهين مجموعة من الإجراءات التي ينبغي اتخاذها من قبل المؤسسات الإعلامية للحفاظ على الصحة الذهنية والعقلية والنفسية للصحفيين والإعلاميين.
وقدم عدد من المتخصصين مداخلات علمية حول موضوع الندوة، فقد استعرض أ. منير زعرور منسق منطقة الشرق الأوسط وجنوب إفريقيا في الاتحاد الدولي للصحفيين، من خلال ورقة عمل، "واقع الاهتمام الدولي بالصحة النفسية للصحفيين"، قدمها نيابة عنه أ. منتصر حمدان.
بينما ركز د. محمد فرحات أستاذ علم الاجتماع في جامعة القدس المفتوحة، حديثه عن "الضغوط الاجتماعية التي يتعرض لها الصحفي الفلسطيني".
وأكد د. فرحات أهمية دعم المؤسسات الإعلامية للصحفيين في تخطي الأزمات النفسية، لافتاً إلى ضرورة أن تأخذ النقابات دورها في هذا الجانب الاجتماعي، متمنياً علاقات التضامن بين الصحفيين.
وتحدث أ. منتصر حمدان عضو الأمانة العامة للصحفيين الفلسطينيين، عن "أساليب السلامة النفسية التي ينبغي على الصحفيين والمؤسسات الإعلامية اتباعها".
وقدم حمدان مجموعة من النصائح للصحفيين للخروج من العزلة الاجتماعية لتجاوز الآثار السلبية الناجمة عن تغطية الأحداث.
وأدار الندوة د. إياد أبو بكر عميد كلية التنمية الاجتماعية والأسرية في جامعة القدس المفتوحة.