إندبندنت: استراتيجية أمريكا في حالة يرثى لها
قال الكاتب البريطاني باتريك كوكبيرن إن خطط الولايات المتحدة لمحاربة تنظيم داعش باتت في حالة "يرثى لها" على خلفية استيلاء مقاتلي التنظيم المسلح على مدينة كوباني الحدودية، بعد أن ألحقوا هزيمة ثقيلة بالجيش العراقي غربي بغداد.
وأوضح الكاتب في مقال للرأي نشر في النسخة الالكترونية لصحيفة "ذي اندبندنت" البريطانية، اليوم الأحد، أن الهجمات الجوية التي تقودها الولايات المتحدة ضد تنظيم داعش في 8 من شهر أغسطس الماضي في العراق و 23 سبتمبر في سوريا لم تنجح، وأن خطة الرئيس الأمريكي باراك أوباما والتي تهدف إلى "دحر وتدمير" داعش لم تظهر أية بوادر حتى الآن لتحقيق نجاحها، حيث أن داعش أحكم سيطرته على مناطق في كل من سوريا والعراق بدلا من إيقافه ودحره.
ورصد كوكبيرن هرع داعش لتوصيل التعزيزات نحو مدينة كوباني في الأيام القليلة الماضية لضمان إحراز نصر حاسم على المدافعين المتبقين في البلدة الكردية السورية.
ولفت إلى أن داعش مستعد لتحمل خسائر فادحة في القتال في الشوارع والهجمات الجوية من أجل إضافة كوباني إلى سلسلة الانتصارات التي حققها في الأشهر الأربعة الأخيرة منذ أن استولت قوات التنظيم على الموصل، ثاني أكبر مدينة في العراق، في 10 يونيو الماضي.
ونوه إلى محاولة كبار المسؤولين الأمريكيين تفسير "أسباب ودواعي" النصر المرجح الذي حققه داعش في كوباني وعدم حمايتهم للأكراد السوريين في البلدة، الذين يعتقد أنهم أقوى معارضين في سوريا لمواجهة داعش.
وقال نائب مستشار الأمن القومي الأمريكي توني بلينكن، في مشهد نموذجي: من الهراء-كما وصفه الكاتب- لإخفاء الهزيمة "نضع كامل تركيزنا في سوريا لدحر قدرة داعش في صميمها وإضعاف موارده وتمويله"،مضيفا أن "الواقع المأساوي يشير إلى أنه في غضون القيام بتلك المهمة، ستصبح أماكن مثل كوباني غير قادرة على الوقوف أمامهم".
ورأى الكاتب أنه لسوء حظ الولايات المتحدة، لم تعد كوباني المدينة الوحيدة التي فشلت الغارات الجوية في إيقاف داعش، وخلال شن الغارات في العراق في الـثاني من أكتوبر الجاري،استولى التنظيم تقريبا على جميع المدن والبلدات في محافظة الأنبار وهي منطقة شاسعة في غرب العراق التي تشكل ربع البلاد، بالإضافة إلى مدن هيت كبيسة والرمادي، عاصمة المقاطعة، التي شهدت حربا طويلة، وسقطت مدن أخرى وبلدات على مقربة من نهر الفرات غربي بغداد في غضون أيام قليلة، بعد مقاومة لا تذكر من قبل الجيش العراقي والذي اتضح ضعفه، حتى عندما ساندته الضربات الجوية الأمريكية.
ولفت إلى أن محافظة الانبار، التي كانت قلب التمرد السني ضد الاحتلال الأمريكي بعد عام 2003، انتهت المعركة هناك بانتصار حاسم لداعش، ويفهم من ذلك أن كلا من الحكومة العراقية والضربات الجوية للتحالف حققوا فشلا ذريعا بعد فرار نحو مليون ونصف المليون من سكان الإقليم ليصبحوا لاجئين.
ورصد كوكبيرن ادعاء الحكومة العراقية وحلفائها الأجانب بالراحة، بعد أن حققوا تقدما لايذكر ضد داعش في وسط وشمال البلاد، لافتا إلى أن الشمال والشمال الشرقي من بغداد لم يشهد أيا من النجاحات من قبل الجيش العراقي وحلفائه من الغرب ولكن من قبل الميليشيات الشيعية الطائفية والتي لا تميز بين داعش وبقية السكان السنة.
وأضاف أن الميليشيات الشيعية في العراق يتحدثون علنا عن التخلص من السنة في المحافظات المختلطة مثل ديالى، وينتج عن ذلك أن السنة في العراق ليس لديهم بديل سوى الانضمام إلى داعش أو الفرار، إذا كانوا يريدون البقاء على قيد الحياة، وينطبق الشيء نفسه على شمال غربي الموصل على الحدود مع سوريا، حيث استعادت القوات الكردية العراقية، بمساعدة من الهجمات الجوية الأمريكية، المعبر الحدودي المهم "ربيعة".
وأشار إلى أن التطهير العرقي والطائفي أصبح القاعدة الرئيسية في الحرب في كل من العراق وسوريا.
ورصد الكاتب بداية القصف في سوريا، حين تفاخر أوباما بتجميع ائتلاف من القوى السنية مثل تركيا والسعودية وقطر والأردن والإمارات العربية المتحدة والبحرين لمواجهة داعش، ولكنهم جميعا لديهم أجندات مختلفة تجاه الولايات المتحدة.
ورأى كوكبيرن في ختام مقاله أن فشلا للولايات المتحدة وحلفائها من الغرب في إنقاذ كوباني، إذا ما وقع، سيكون كارثة سياسية كبرى بل وعسكرية.
تجدر الإشارة إلى أن الصحف العالمية كشفت عن صور تظهر مقاتلي "داعش" وهم يجوبون شوارع مدينة كوباني "عين العرب" السورية الكردية الحدودية مع تركيا أمس بعد فشل يومين من الضربات الجوية لوقف تقدمهم، وتظهر الصور مقاتلين مسلحين يرتدون ملابس غير رسمية، شوهدوا يتجولون في الشوارع الخلفية في ضواحي المدينة السورية المحاصرة القريبة من الحدود التركية.