اليونسكو تحيي اليوم الدولي لإنهاء الإفلات من العقاب على الجرائم المرتكبة ضد الصحفيين
أحييت اليونسكو اليوم الدولي لإنهاء الإفلات من العقاب على الجرائم المرتكبة ضد الصحفيين ، ويأتي احتفال هذا العام 2019 تحت شعار " الحقيقة لا تموت".
وكانت الجمعية العامة للأمم المتحدة قد أعلنت يوم 2 نوفمبر "اليوم الدولي لإنهاء الإفلات من العقاب على الجرائم المرتكبة ضد الصحفيين"، بعد اعتماد القرار 163/68 ، ويدين هذا القرار جميع الهجمات والعنف ضد الصحفيين والعاملين في وسائل الإعلام. كما يحث الدول الأعضاء على بذل قصارى جهدها لمنع العنف ضد الصحفيين والعاملين في مجال الإعلام ، وضمان المساءلة ، وتقديم مرتكبي الجرائم ضد الصحفيين والعاملين في مجال الإعلام إلى العدالة وضمان وصول الضحايا إلى سبل الانتصاف المناسبة.
ويدعو القرار الدول إلى تعزيز بيئة آمنة وتمكينية للصحفيين من أداء عملهم بشكل مستقل ودون تدخل لا مبرر له. وتم اختيار هذا التاريخ إحياء لاغتيال اثنين من الصحفيين الفرنسيين في مالي في 2 نوفمبر 2013.
وقال أنطونيو غوتيريش الأمين العام للأمم المتحدة في رسالته بهذه المناسبة، إن حرية التعبير وحرية وسائط الإعلام تكتسي أهمية حاسمة لزيادة التفاهم وتعزيز الديمقراطية وإعطاء دفع لجهودنا الرامية إلى تحقيق أهداف التنمية المستدامة. غير أن السنوات الأخيرة شهدت زيادة في حجم وعدد الاعتداءات التي استهدفت السلامة البدنية للصحفيين والعاملين في وسائط الإعلام، والحوادث التي تقوض قدرتهم على القيام بعملهم الحيوي، وقد شملت هذه الحوادث التهديد بالملاحقة القضائية والتوقيف والسجن، وحرمان الصحفيين من الحصول على المعلومات، وعدم التحقيق في الجرائم المرتكبة ضدهم وعدم مقاضاة مرتكبيها، وارتفعت أيضًا نسبة النساء في صفوف القتلى من الصحفيين، إذ أن الصحفيات يواجهن زيادة مطردة في أشكال العنف، مثل التحرش الجنسي والعنف الجنسي والتهديدات.
وأضاف غوتيريش :عندما يستهدف الصحفيون، تدفع المجتمعات بأسرها الثمن، وإذا لم نكن قادرين على حماية الصحفيين، تصبح قدرتنا على البقاء على عِلم بما يجري حولنا وعلى المساهمة في اتخاذ القرارات محدودة جدا، وإذا لم يكن الصحفيون قادرين على القيام بعملهم في أمان، فإننا سنواجه احتمال العيش في عالم يسوده اللبس والتضليل الإعلامي.
وكانت منظمة اليونسكو قد أعلنت أنها أنشأت "مرصدا" لعمليات قتل الصحفيين، لرصد التدابير المتخذة لمقاضاة مرتكبي الجرائم ضد العاملين في وسائل الإعلام.
وجاء في بيان المنظمة، أن المرصد يوفر قاعدة بيانات على الإنترنت تتضمن معلومات عن حالة التحقيقات القضائية في كل جريمة قتل صحفي أو إعلامي مسجل لدى اليونسكو منذ عام 1993. مشيرا إلى أن قاعدة البيانات ستسمح للصحفيين والباحثين وممثلي المجتمع المدني بالحصول على معلومات حول الصحفيين المقتولين.
وأفاد تقرير صادر عن المدير العام لليونسكو عن سلامة الصحفيين وخطر الإفلات من العقاب في عام 2019، أنه خلال الفترة من يناير حتي شهر أكتوبر 2019، قتل 44 صحفيا بينهم 3 سيدات ، وإن العالم يشهد عملية قتل صحفي أو أحد العاملين في الإعلام كل أربعة أيام.
وتشير إحصائيات اليونسكو إلى أن المجرمين يفلتون من العقاب في 89 % من الحالات. ووفقا لبيانات "المرصد"، تم ارتكاب ما يقرب من 1300 جريمة قتل منذ عام 1993.
وتحتل أفغانستان التي كانت البلد الأشد فتكًا بالصحفيين في عام 2018 موقعًا ثابتًا على المؤشر العالمي السنوي للإفلات من العقاب الذي تعده لجنة حماية الصحفيين، وهو يسلط الضوء على البلدان التي يقتل فيها الصحفيون بصفة منتظمة ويظل القتلة أحرارًا طلقاء. وقد بلغ عدد الصحفيين القتلى في أفغانستان 13 صحفيًا في عام 2018، وهي حصيلة تزيد عن أي سنة أخري في هذا البلد منذ بدأت لجنة حماية الصحفيين تتبع حالات قتل الصحفيين.
وتتواصل وفيات الصحفيين ممن يعملون في بلدان تمزقها الحروب، من قبيل سوريا واليمن، بيد أن عدد الصحفيين الذين قتلوا أثناء تغطيتهم لعمليات قتالية أو من جراء نيران متقاطعة تراجع إلى أدنى مستوى له منذ عام 2011، إذا ازدادت صعوبة وصول الصحفيين إلى هذه المناطق، كما بات الخطر كبيرًا إلى درجة تدفع إلى عدم المخاطرة، مما أدى إلى انتشار الرقابة الذاتية ، أو العيش في المنفى، أو ترك العمل في الصحافة.
ووفقا للجنة حماية الصحفيين ، قتل 9 صحفيين على الأقل في سوريا في عامي 2017 و 2018، مقارنة مع الرقم القياسي في عام 2012 حين بلغ 31 صحفيًا قتيلًا. وفي اليمن، قتل 3 صحفيين في عام 2018، أما في العراق، فلم تتأكد لجنة حماية الصحفيين من مقتل أي صحفي بسبب عمله، وذلك للمرة الأولى منذ عام 2012. وفي مكان آخر في الشرق الأوسط ، قتل صحفيان فلسطينيان برصاص أطلقه جنود إسرائيليون بينما كان الصحفيان يغطيان الاحتجاجات في قطاع غزة.
وتحقق لجنة حماية الصحفيين في ملابسات مقتل 23 صحفيًا آخر في عام 2018، ولكنها لم تتمكن حتى الآن من التأكد من أن العمل في الصحافة كان الدافع لهذه الجرائم. ومن بين هذه القضايا، قضية الصحفي الأمريكي " زاك ستونر" هو مدون مستقل متخصص في مقاطع الفيديو الموسيقية، وقد قتل بالرصاص في مدينة شيكاغو في يونيو.
كما أفادت لجنة حماية الصحفيين أنه يوجد في تركيا ما لا يقل عن 68 صحفيًا سجينًا بسبب عملهم، وهو عدد أقل قليلا من السنتين الماضيين. وقد احتجزت السلطات عشرات الصحفيين وأفرجت عن آخرين، إذ يواصل المدعون العامون السعي لاستصدار مذكرات اعتقال وتوجيه اتهامات جديدة ضد الصحفيين، فيما أصدرت المحاكم أوامر بالأفراج عن بعض الصحفيين على ذمة التحقيقات وأصدرت أحكام براءة بحق آخرين. وللسنة الثالثة على التوالي، يواجه جميع الصحفيين السجناء في تركيا اتهامات مرتبطة بمناهضة الدولة.
وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قد بدأ حملة القمع ضد الصحفيين قبل محاولة الانقلاب الفاشلة في عام 2016، إلا أن الحملة اشتدت بعد الانقلاب، وأغلقت السلطات أكثر من 100 وسيلة إعلامية بموجب مرسوم حكومي. وثمة عشرات الصحفيين الآخرين في تركيا متهمين بالارتباط بحزب العمال الكردستاني أو بالمجموعة التي يقودها رجل الدين الذي يعيش في المنفى ( فتح الله غولن) الذي تتهمه الحكومة بتدبير محاولة الانقلاب الفاشلة.