تكنولوجيا ومنوعات
مطلوب مهندسون وأطباء ..فرص عمل لدى تنظيم داعش
لم يكن تنظيم داعش يعمل على إغراء الشباب من دول أخرى للانضمام إليه بالشعارات الدينية التى يرفعها، بل كان يقدم إغراءات أخرى مادية لا علاقة لها بالشعارات الدينية إلى أى شخص خاصة من يعمل فى مجال الهندسة، لكى يقوم بتشغيل حقول البترول التى أصبحت المصدر الرئيسى لدخل تنظيم داعش.
وتشير بعض التقارير الصحفية الى ان تنظيم داعش ينفق بسخاء منقطع النظير، ويعرض فرصا للعمل بأعلى الأجور لنوعيات معينة من المهنيين غير المقاتلين، وبالتحديد للمهندسين والأطباء، تدفع لهم من المال المنهوب من ثروات الشعبين السورى والعراقى. لكن تنظيم داعش بدأ يواجه مشكلة خطيرة بسبب هروب أعداد من الأطباء والمهندسين من العمل مع داعش، بسبب الضربات التى بدأت قوات التحالف توجهها للتنظيم، خاصة إلى مواقع إنتاج البترول.
وكانت صحيفة التايمز البريطانية قد نشرت تقديرات توضح أن تنظيم داعش يحقق أرباحا يومية تصل إلى 3 ملايين دولار من بيع البترول فى السوق السوداء، لكن هذا الرقم انخفض إلى النصف بعد أن توقف كثير من القوى السنية عن تأييد تنظيم داعش، لأن تأييدها كان تضامنا مع الموقف فى العراق ضد حكم نورى المالكى رئيس وزراء العراق السابق، والذى كان يتبع سياسة طائفية منحازة ضد السنة.
وبعد أن سعى حيدر العبادى، رئيس الوزراء العراقى الجديد، إلى اتباع سياسة جديدة تحاول ايجاد توازن بين السنة والشيعة فى العراق ودون التحيز لطائفة ضد الأخرى، بدأت الطوائف السنية تنسحب من القتال إلى جانب داعش، وهو ما تسبب فى إضعاف قوة التنظيم.
ومنذ ظهور تنظيم داعش فى سوريا عام 2012، مستغلة حالة الغليان الشعبى ضد نظام الأسد، لم يكن اهتمامها ينصب على التخلص من الأسد بقدر ما كانت مهتمة الاستيلاء على منشآت البترول والغاز وتهريبه إلى الخارج وجنى الملايين من ورائه، وهو ما أدى إلى نشوب معارك بينها وبين بقية القوى الأخرى المعارضة للأسد، بعد أن اكتشفوا هدفهم الأساسى من القتال ضد النظام السورى.
وبسبب توسع تنظيم داعش فى الاستيلاء على مناطق البترول والغاز، قامت بتعيين شخص أعطته لقب وزير البترول، وكان ذلك فى عام 2014، للإشراف على عمليات تجارة البترول وتهريبه إلى دول مجاورة، خاصة عبر الحدود التركية، وأصبح لديها 200 عربة نقل مسروقة من العراق تستخدمها فى نقل البترول، بالإضافة إلى تهريبه عبر حدود تركيا عن طريق أنابيب البترول، بحيث أصبح البترول الذى يجرى تهريبه إلى السوق السوداء التركية يجد طريقة، كما تقول صحيفة التايمز، إلى أوروبا الشرقية وبعض دول حوض البحر المتوسط. كما تقول بعض التقارير إن الوقود المهرب عن طريق داعش يجد طريقه كذلك إلى إسرائيل حيث يباع هناك.
وكانت حقول البترول فى سوريا مطمعا للمنظمات الإرهابية على وجه التحديد، فبعد أن كانت فى البداية تحت سيطرة الجيش الحر، انتقلت السيطرة بعد ذلك إلى جماعة النصرة، التابعة لتنظيم القاعدة، والتى دخلت فى مواجهات ومعارك مع تنظيم داعش انتهت إلى استيلاء داعش على هذه الحقول.
وأدى نجاح داعش فى فرض سيطرتهم على حقول البترول، إلى زيادة احتياجهم إلى المهندسين بدرجة كبيرة، حيث أصبحوا يعرضون مرتبات خيالية لجذب المهندسين لتشغيل الحقول التى صارت مثل شريان الحياة لتنظيم داعش، بالإضافة إلى زيادة الأجور التى يعرضونها على الأطباء لعلاج الجرحى فى صفوفهم نتيجة المعارك التى يخوضونها أو نتيجة قصف قوات التحالف لهم.
وبالرغم من نجاحهم فى جذب مهندسين فى البداية، إلا أن الضربات التى يتعرض لها أفراد التنظيم، خاصة فى مناطق حقول البترول، دفعت أعدادا كبيرة من المهندسين إلى الهرب، وهو ما أصبح يمثل مشكلة كبيرة لتنظيم داعش.
ولما كانت حقول البترول هى المصدر الأول فى تمويل داعش، وقدرتها على جلب الأفراد بأعلى الأجور، فإن هروب المهندسين الذين يقومون بتشغيل حقول البترول أصبح يمثل مأزقا خطيرا تواجهه داعش الآن.